نشأت بمدينة الخبر وتلقيت تعليمي الابتدائي متنقلة ما بين الخبر وجدة وتبوك، كما تخلل تلك الفترة بعض الرحلات إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والإقامة بها لفترات محددة بحكم طبيعة عمل والدي (رحمه الله) كطيار بالدفاع الجوي. هذا التنقل أكسبني تنوعاً في خبرتي بالبيئة من حولي رغم حداثة سني، حيث تنوعت بيئات التعلم التي تعرضت لها بتنوع الأماكن والأشخاص الذين عايشتهم. ثم أتممت تعليمي المتوسط والثانوي بمدينة جدة وتخرجت من مدارس دار الحنان والتحقت بالاقتصاد المنزلي بجامعة الملك عبدالعزيز، رغم محاولات من حولي بإقناعي بالالتحاق بكلية الطب لارتفاع معدلي.

كان هدفي الأول هو الالتحاق بقسم الفنون لما كان لدي من توجه فني آنذاك. وفعلاً التحقت بقسم الفنون الإسلامية في البداية، إلاّ أن دراستي لمادتي "فن الإعلان والكتاب" و "التطبيقات الفنية" في بداية التخصص أحدثت تغيراً جذرياً في توجهاتي، حيث كان اهتمامي منصباُ على كيفية الرسم للأطفال وكيفية إخراج كتب الأطفال وكيفية إنتاج ألعاب الأطفال ومتعلقاتهم، مما حدا د. ليلى السنديوني (أستاذة مادة فن الإعلان والكتاب في ذلك الحين) وأ. نادية الخطيب (أستاذة مادة التطبيقات الفنية آنذاك) أن تنصحاني - رغم تفوق أدائي الفني- بتغيير تخصصي إلى قسم الطفولة لما لمستاه من رغبة لدي في الاستزادة من المعرفة بكل ما يتعلق بالأطفال. وبالفعل غيرت تخصصي إلى قسم الأسرة ونمو الطفل (الاسم السابق لقسم دراسات الطفولة حالياً)، وقد أحسست منذ ذلك الحين أنه كان اختياراً صائباً ونصيحة صاحب خبرة ونظرة ثاقبة فجزاهما الله عني خير الجزاء.

تخرجت من القسم لاحقاً ثم تم تعيني كمعيدة، حيث مارست التدريس فترة تحت إشراف عدد من أستاذاتي الفاضلات. إزداد في تلك الفترة اهتمامي بدراسة النمو العقلي وطرق التعلم والتعليم لدى الأطفال، فأتممت دراسة الماجستير في هذا المجال. أتيحت لي فيما بعد فرصة الانضمام إلى برنامج الإشراف المشترك حيث أتممت دراسة الدكتوراه ضمن برنامج جامعة إكستر البريطانية في نفس المجال. ولكن دراستي بجامعة بريطانية منحني فرصة الالتقاء بخبرات بحثية ذات نوع مختلف عما اعتدناه هنا من طرق التحليل الإحصائي الكمي، فلطالما حدثت نفسي وناقشت مع الزميلات أن البشر كلٌ متنوع متغير، لا يمكن قياسهم بالأرقام، ولم أجد في يوم من الأيام أن طرق التحليل الإحصائي الوصفي وحتى التحليلي منها مقنعة بالنسبة لي بشكل كاف. لذلك اتجهت في بحثي للدكتوراه إلى مناهج البحث الكيفية لا الكمية، التي تعتمد على التحليل الكيفي للمواقف التعليمية بكل مكوناتها ومؤثراتها لا على الدرجات والأرقام.

محطتي الأخيرة إذن هي دراسة النمو العقلي وطرق تعلم وتعليم الرياضيات لطفل ما قبل المدرسة التي هي موضوع رسالتي للدكتوراه، وطرق التعلم والتعليم عموماً في رياض الأطفال، ولكن عشقي القديم لفنون الرسم للأطفال مازال يراودني من حين لآخر، ولعلني أعود إليه في يوم من الأيام. 

وأخيراً، تظل دراساتي وقراءاتي وأبحاثي جانباً من حياتي الأكاديمية، أما الجانب الآخر والذي هو إنجاز ومتعة من نوع مختلف فهو تدريس الطالبات بالقسم، وإنه ليزيدني فخراً أن بعضاً ممن درستهن قد أصبحن زميلات، كما أن بعضاً منهن على وشك العودة من البعثات لينضممن إلى كوكبة أعضاء هيئة التدريس بقسم دراسات الطفولة.